کد مطلب:168005 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:135

و الفرزدق فی الشقوق ایضا
روی ابن أعثم الكوفی قائلاً: (وسار الحسین حتی نزل الشقوق، فإذا هو بالفرزدق بن غالب الشاعر قد أقبل علیه، فسلّم ثمّ دنی منه فقبّل یده، فقال الحسین: مِن أین أقبلت یا أبافراس؟

فقال: من الكوفة یا ابن بنت رسول اللّه!

فقال: كیف خلّفت أهل الكوفة؟

فقال: خلّفت النّاس معك وسیوفهم مع بنی أمیّة، واللّه یفعل فی خلقه ما یشاء.

فقال: صدقت وبررت، إنّ الامر للّه یفعل ما یشاء، وربّنا تعالی كلّ یوم هو فی شان،


فإن نزل القضاء بما نحبّ فالحمد للّه علی نعمائه وهو المستعان علی أداء الشكر، وإنْ حال القضاء دون الرجاء فلم یبعد من كان الحقّ نیّته.

فقال الفرزدق: یا ابن بنت رسول اللّه! كیف تركن إلی أهل الكوفة وهم قد قتلوا ابن عمّك مسلم بن عقیل وشیعته!؟

قال: فاستعبر الحسین بالبكاء، ثم قال:

رحم اللّه مسلماً! فلقد صار إلی رَوْح اللّه وریحانه وجنّته ورضوانه، أما إنه قد قضی ما علیه وبقی ما علینا.

قال: ثمّ أنشاء الحسین یقول:



فإنْ تكن الدنیا تُعدُّ نفیسة

فدار ثواب اللّه أعلی وأنبلُ



وإنْ تكن الابدان للموت أُنشئت

فقتل امری ءٍ بالسیف فی اللّه أفضلُ



وإنْ تكن الارزاق قِسماً مقدّراً

فقلّة حرص المرء فی الكسب أجملُ



وإنْ تكن الاموال للترك جمعها

فما بال متروك به المرء یبخلُ



قال: ثمّ ودّعه الفرزدق فی نفر من أصحابه، ومضی یرید مكّة، فأقبل علیه ابن عمّ له من بنی مجاشع فقال: أبا فراس، هذا الحسین بن علیّ!

فقال الفرزدق: هذا الحسین بن فاطمة الزهراء بنت محمد (ص)، هذا واللّه (خیرة اللّه) ابن خیرة اللّه، وأفضل من مشی علی وجه الارض بعد محمد (من خلق اللّه)، وقد كُنت قلتُ فیه أبیاتاً قبل الیوم، فلاعلیك أن تسمعها.

فقال له ابن عمّه: ما أكره ذلك یا أبا فراس! فإنْ رأیت أن تنشدنی ما قلتَ فیه!

فقال الفرزدق: نعم، أنا القائل فیه وفی أبیه وأخیه وجدّه صلوات اللّه علیهم هذه الابیات:



هذا الذی تعرف البطحاء وطاءته

والبیت یعرفه والحِلُّ والحرمُ






هذا ابن خیر عباد اللّه كلّهم

هذا التقیّ النقیّ الطاهر العلمُ



هذا حسین رسول اللّه والده

أمست بنور هُداه تهتدی الاُمم



إلی آخر قصیدته العصماء المشهورة...

قال: ثمّ أقبل الفرزدق علی ابن عمّه فقال: واللّه، لقد قلت فیه هذه الابیات غیر متعرّض إلی معروفه، غیر أنّی أردتُ اللّه والدار الاخرة.). [1] .


[1] الفتوح، 5 :124-129؛ ومقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي، 1:321، رقم 5.